هل يبقى كُفار ومشركون في دولة الإمام المهدي (عج) ؟

, منذ 1 سنة 3K مشاهدة

إن وراثة الأرض للصالحين الذين يعبدون الله ولا يشركون بعبادته شيئاً فهذا لا يتحقق إلا بالظهور الأقدس، وسوف يحكم الأنصار الغيارى من الشيعة الأوفياء، جميع الأرض ومن عليها ويصبحون حكام الأرض وسنامها.

فيكون تأويل هذه الآية: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون).

كما رواه الشيخ الطوسي في تبيانه عن الإمام الباقر (عليه السلام):

(إن ذلك وعد الله للمؤمنين بأنهم يرثون جميع الأرض).(1)

وفي رواية عن أبي جعفر عليه السلام قال: قوله عزّ وجل: (وأن الأرض يرثها عبادي الصالحون) هم أصحاب المهدي في آخر الزمان.(2)

فهذا مسلم عندنا أن الأصحاب الذين جاهدوا أنفسهم، وثبتت قلوبهم على الولاء الأكمل، والدين الأمثل، وصبروا على تلكم الفترة الطويلة، وهم كاتمون إيمانهم، ولا تعرف سرائرهم!! فالنتيجة سوف يكافئهم الإمام (عليه السلام) بأحسن مكافأة دنيوية وأخروية، بحيث يجعلهم قادة لحروبه وحكاماً لأرضه التي تفسخت بالعادات السيئة والقوانين الوضعية البائدة التي لا تغني من الحق شيئاً.

وأما قوله تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون).(3)

فقد قال المحقق السيد محمد كاظم القزويني (قدس سره) في تفسير هذه الآية: إن الله تعالى أرسل رسوله محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) (بالهدى) من التوحيد وإخلاص العبادة، (ودين الحق) وهو دين الإسلام (ليظهره) الظهور - هنا -: العلو بالغلبة بكل وضوح، قال تعالى: (كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاً ولا ذمّة)(4) أي يغلبوكم ويظفروا بكم.

فمعنى: (ليظهره على الدين كله) أي يعلو ويغلب دين الحق على جميع الأديان، فإن كان هذا الكلام قد تحقق وكانت الإرادة الإلهية قد تنجزت فالمعنى أن الله تعالى قد دحض جميع الأديان الباطلة والملل والشرائع المنحرفة، دحضها بالقرآن وبالإسلام، وبعبارة أوضح: إن الإسلام قد أبطل ونسخ جميع الأديان، وردّ على كل ملحد أو زنديق وعلى كل من يعبد شيئاً غير الله.

أما إذا أردنا أن نتحدث عن الآية على ضوء التأويل، فإن هذا الهدف الإلهي لم يتحقق بعد، فالمسلمون عددهم أقل من ربع سكان الأرض، والبلاد الإسلامية تحكمها قوانين غير إسلامية، والأديان الباطلة تنبض بالحياة والنشاط، وتتمتع بالحرية، بل تجد المسلمين في بعض البلاد أقلية مستضعفة لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضرّاً، إذن فأين غلبة الحق على الباطل، وأين قوله تعالى: (ليظهره على الدين كله) وفي أي زمان تحقق هذا المعنى؟!!.

لقد ذكرت رواياتنا الشريفة أن هذه الآية الشريفة تتأول بعصر ظهور الإمام صاحب العصر والزمان عليه السلام وفي أيام إشراقه ودولته المباركة.

ودونك أخي القارئ الروايات الواردة في تأويل هذه الآية:

أولاً- تفسير البرهان: عن الإمام أبي الحسن الكاظم عليه السلام ، قلت: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله)؟ قال (عليه السلام): هو أمر الله ورسوله بالولاية والوصية، والولاية: هي دين الحق. قال: (ليظهره على الدين كله)؟ قال (عليه السلام): يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف).(5)

ثانياً- أما ما ذكره شيخنا المجلسي (قدس سره): فعن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) عن قوله تعالى:.. فقال: والله ما أنزل تأويلها بعد. قلت: جعلت فداك ومتى ينزل؟ قال: حتى يقوم القائم إن شاء الله فإذا خرج القائم لم يبق مشرك.(6)

وبالجملة يتحصل عندنا من خلال هذه الآيات الثلاث التي ذكرناها أن التأويل هو المعنى الباطني للآية القرآنية بعكس التفسير الذي هو المعنى الظاهر للآية، وأن الآيات التي ذكرت قد أولت بإمام زماننا عليه السلام جعلنا الله وإياكم من خدّامه وعبيده والذابين عنه والمستشهدين بين يديه الشريفتين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التبيان: ج7 ص252.

(2) تأويل الآيات: ج1 ص332 ح22، البرهان: ج5 ص257 ح5.

(3) التوبة: 33.

(4) التوبة: 8.

(5) البرهان: ج4 ص330.

(6) البحار: ج51 ص60.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0548 Seconds