العلامات الحتمية التي تسبق ظهور الإمام المهدي (عج) ....الصيحة نموذجاً

, منذ 6 شهر 887 مشاهدة

وهي العلامات الحاسمة للإيذان بيوم الظهور، والمعلنة عن حلوله، وهي غير منفكَّة عنه، إذ ستُحدِث تغيُّراً (عنيفاً) في توجُّهات الناس، وهي بمثابة الصدمة للإحساس العامِّ الذي تُرعِبه تلك العلامات، وستُحدِث تزلزلاً عنيفاً في المواقف والمبتنَّيات، وستكون حالة اختبار حاسم لكلِّ التوجُّهات والرؤى على مستوى الأفراد أو التشكيلات.

الصيحة أو النداء:

هذه العلامات ستتقدَّم بين يدي الظهور بشكلٍ سريع لا يمكن معه التواني أو التأخير، أمثال الصيحة التي بينها وبين الظهور ستَّة أشهر أو أربعة أشهر كما في الروايتين التاليتين:

١ - عن الحسن بن المحبوب - كما في غيبة الشيخ - إلى أنْ قال: «ينادون في رجب ثلاثة أصوات من السماء...» إلى آخر الرواية (1).

٢ - وعن الفضل بن شاذان بسنده عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنَّ القائم (صلوات الله عليه) يُنادى اسمه ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم يوم عاشوراء يوم قُتِلَ فيه الحسين بن عليٍّ (عليهما السلام)»(2).

وليلة الثالث والعشرين منصرفة إلى ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان (ليلة القدر)، كما هو المشهور.

وتُؤيِّده الرواية التالية: عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان»(3).

وقيام القائم (عجَّل الله فرجه) يوم عاشوراء هو الأوفق بسياقات الظهور حيث ينادي بمظلوميَّة الحسين (عليه السلام) مطالباً بثأره الشريف، خصوصاً أنَّ الرواية الثانية ذُيِّلت بقوله (عليه السلام): «يوم عاشوراء يوم قُتِلَ فيه الحسين ابن عليٍّ (عليهما السلام)»، وكأنَّه إشعارٌ بأنَّه (عليه السلام) يظهر ونداءه يومئذٍ بالثأر لجدِّه الحسين (عليه السلام) المقتول ظلماً وعدواناً.

واختلاف الروايتين لا مانع منهما، فلعلَّ النداء يتكرَّر في شهري رجب ورمضان، وذلك لأهمّيَّة النداء وما يترتَّب عليه من ملازماتٍ ليوم الظهور.

على أنَّ الصيحة إحدى العلامات المهمَّة التي تُقارب يوم الظهور، وهي صيحة تحدث في شهر رمضان في ليلة الثالث والعشرين منه توقظ الضمائر الغافلة عن الحقِّ، وفي نفس الوقت توهم الآخرين، وستكون الصيحة أو النداء أنَّ عليًّا مع الحقِّ فاتَّبعوه، ممَّا يعني أنَّ هناك فجوة هائلة بين الأُمَّة وبين الاعتقاد بالحقِّ، ولا ينفع ذلك إلَّا حالات الإعجاز التي تُنبِّه الغافلين أو المتغافلين عن الحقِّ، وليت شعري إلى أيِّ حدٍّ سيصل التجافي عن الحقِّ والتزلزل في الثبات على ذلك حتَّى لا ينفع معه إلَّا هزَّات الضمائر وإفزاع النفوس في إثارة انتباه الناس وتوجيه اهتمامهم؟

وقد حرص أئمَّة الهدى (عليهم السلام) على بيان معالم هذه الصيحة ومواصفاتها ليتبيَّن لنا مدى أهمّيَّتها في تحديد يوم الظهور، وخطورتها في الكشف عن المجهول الذي طالما بقي يترقَّبه العالم جميعاً بمختلف ميوله واتِّجاهاته، وسوف تكون للصيحة أثرها في توجيه معالم الاتِّجاه الذي ينبغي التزامه وقتذاك.

عن ابن محبوب، عن الثمالي - والظاهر أنَّه محمّد بن أبي حمزة الثمالي الثقة -، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنَّ أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: «إنَّ خروج السفياني من الأمر المحتوم».

قال لي: «نعم، واختلاف ولد العبَّاس من المحتوم، وقتل النفس الزكيَّة من المحتوم، وخروج القائم (عليه السلام) من المحتوم».

فقلت له: فكيف يكون النداء؟

قال: «ينادي منادٍ من السماء أوَّل النهار: ألَا إنَّ الحقَّ في عليٍّ

وشيعته، ثمّ ينادي إبليس (لعنه الله) في آخر النهار: ألَا إنَّ الحقَّ في السفياني وشيعته، فيرتاب عند ذلك المبطلون»(٩٨).

وهذا التمييز الذي تحرص على بيانه الصيحة إشارة إلى تعدُّد الاتِّجاهات والمباني المختلفة التي تدَّعي الحقَّ أو المدَّعية بالدفاع عن الحقِّ، إلَّا أنَّ حالة الخلط والتخبُّط الذي تسلكه هذه الاتِّجاهات توهم أتباعها بصحَّة المنهج في حين هي تتعدَّى على المبادئ والقِيَم الحقَّة وتحاول من خلال سلوكيَّاتها إلى إلغاء الآخر، لذا فإنَّ الاضطراب في الفهم والانتماء من قِبَل البعض يُؤدِّي بسلامة منهجهم في تشخيص الحقِّ ومتابعته، لذا فإنَّ الصيحة حالة إنقاذ نهائي يُشخِّص الحقَّ ويهدي الآخرين على متابعته.

في حين ستكون الصيحة الثانية التي تشير إلى السفياني أو غيره وتدعو إليه، إشارة إلى الصراعات الفكريَّة التي تختلج الأُمَّة وتُؤدِّي بأفرادها إلى الضياع والتخليط.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الغيبة للطوسي (ص ٤٣٩ و٤٤٠/ ح ٤٣١).

(2) الغيبة للطوسي (ص ٤٥٢/ ح ٤٥٨).

(3) كمال الدِّين (ص ٦٥٠/ باب ٥٧/ ح ٦).

علامات الظهور جدلية صراع أم تحديات مستقبل؟ ـ تأليف : السيد محمد علي الحلو (رحمه الله).

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0626 Seconds