نقل الحديث أبو داود السجستاني في سننه فقال: حدثتُ عن هارون بن المغيرة قال: حدثنا عمر بن أبي قيس عن شعيب بن خالد عن أبي إسحاق قال: قال علي «ونظر إلى ابنه الحسن فقال: إن ابني هذا سيد وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخُلق ولا يشبهه في الخَلق... الخ (1).

والباحث في سند ومتن هذا الحديث لا يخرج عن أمرين، إما التصحيف أو الوضع.

أما بالنسبة إلى سند الحديث فقيه:

1 ـ لا يعلم من حدث أبا داود بهذا الحديث عن هارون بن المغيرة، وهذا ما صرح به ابن خلدون في تاريخه فقال: وكذلك ـ روايته منقطعة ـ رواية أبي داود عن هارون بن المغيرة (2).

٢ ـ أبو إسحاق هنا لم يثبت أنه حدث عن الإمام (عليه السلام) فالحديث منقطع أيضاً من هذه الجهة، وهذا أيضاً صرح به ابن خلدون فقال: روايته ـ رواية أبي إسحاق عن علي ـ منقطعة (3) وصرح بهذا المنذري أيضاً (4).

أما بالنسبة الى متن هذه الحديث ففيه:

1 ـ نقل الحديث الجزري الشافعي ونسب نظر علي الى الحسين وليس الحسن، والطريف هنا أنه نقله عن أبي داود فقال: والأصح أنه من ذرية الحسين بن علي لنص أمير المؤمنين علي على ذلك فيما به المسند رحـلة زمانه عمر بن الحسن الرقي قراءة عليه، قال: أنبأنا أبو الحسن بن البخاري، أنبأنا عمر بن محمد الدار قزي، أنبأنا أبو البدر الكرخي، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبانا أبو مر الهاشمي، أنبانا أبو علي اللؤلؤي، أنبانا أبر داود الحافظ قال: حـدثـت عـن هارون بن المغيرة قال: حدثنا عمر بن أبي قيس عن شعيب بن خالد، عـن أبـي إسحاق قال: قال علي: «ونظر إلى ابنه الحسين فقال: إن ابني هذا سيد كما سماه النبي (صلى الله عليه وآله) وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق (5).

وذكر ابن البطريق في العمدة هذا المعنى «اي نظر الى ابنه الحسين»(6). وكذلك القندوزي الحنفي في ينابيعه (7).

۲ ـ نقل الحديث عن طريق موسى بن جعفر عن آبائه عن أجداده عن علي * وقيه الحسين وليس الحسن كما ذكر ذلك ابن طاووس ونسبه الى فتن السليلي (8)

3 ـ متن الحديث معارض بالكثير من الأحاديث والروايـات التـي تـنـب المهدي إلى الحسين وليس إلى الحسن (عليه السلام)، ونقل الكثير من علماء السنة هذا المعنى أمثال ابن القيم والطبراني وأبي نعيم وابن حجر (9).

وقد خُرجت طـرق الأحاديث التي أشارت إلى نسب المهدي من الحسين وليس للحسن كلا الاحتمالين التصحيف والوضع قائماً.

أما التصحيف فلورود أحاديث كثيرة تنص على أن المهدي من الحسين آمن بها ونقلها كبار العلماء من الطرفين. الوضع فلمحاولة التشويش على هذه الراية التي تصبوا إليها الأنظار في وزمان فضلاً عن إمكانية الجمع بين كونه حسنيا وحسينيا إما كونه حسني فهو من الأم لأن زوجة الإمام السجاد هي فاطمة بنت الإمام الحسن، فـالمهدي الأم حسيني الأب، ولا إشكال في هذا الجمع بعدما ألحـق الله تعالى عيسى من جهة مريم فقال: (ووهبنا إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان... وإلياس كل من الصالحين) (10).

فالحديث لا يصمد أمام ما تقدم من كون المهدي من ولد الحسين (عليه السلام) من جهة الأب.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(۱) سنن أبي داود ج ۲، ص ۳۱۱ / رقم ٤٢٩٠.

(2) تاريخ ابن خلدون ج1، ص314.

(3) نفس المصدر ص313.

(4) مختصر سنن أبي داود ج6، ص162/4121.

(5) الجزري الشافعي أسمى المناقب في تهذيب أسمى المطالب ص165- 167/٦١.

(6) ابن البطريق: العمدة ص ٤٢٤.

(7) ينابيع المودة: ج ٢٥٩.

(8) ملاحم طاووس: 144.

(9) المنار الحنيف لابن القيم: ص ١٤٨ / ٣٢٩ فصل 50 من الطبراني المعجم الأوسط، عقد الدور ص456 وفيه أخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي، ذخائر العقبى، ص136، فرائد السمطين ج2، ص325/575/ باب61، القول المختصر لابن حجر ص7/37 باب1.

(10) الأنعام: 84-85.