هل تطور القانون سيكون بديلاً عن الامام المهدي (عج) ؟

, منذ 3 سنة 314 مشاهدة

الشيخ معتصم السيد أحمد

لماذا لا تكون فكرة تطور القانون بديلاً الإمام المهدي (عج)؟..

قضية الامام المهدي (عليه السلام) ليست مجرد فرضية يمكن إيجاد فرضيات في قبالها، ولا يمكن فهمها من خلال مقاربات تنطلق من التجربة البشرية وبحسب الأفق الثقافي الذي راكمه الإنسان في طوال تاريخه، فهي لا تعكس إرادة الإنسان في الإصلاح وإنما تعكس إرادة الله الذي خلق الوجود والإنسان ضمن حِكمة وغاية محددة، فكما أن البشرية مهما تطورت لا يمكنها أن توجد بديلاً للأنبياء والرسل كذلك لا يمكنها أن توجد من ينوب عن الله في تنفيذ امره وإرادته، ويبدو أن السائل يتصور أن إرادة الإنسان يمكن أن تكون بديلاً عن إرادة الله، مع أن الإنسان وبكل ما يملك من طاقات مازال يقف عاجزاً أمام كثير من الظواهر الوجودية، فالمرض والموت وغيرها من الظواهر التي تُشعر الإنسان بالرعب والهلع تكشف عن ضعف إرادة الإنسان ومدى بعدها عن احكام قبضتها على مصير الإنسان ومستقبله، فاغترار الإنسان بقدرته وشعوره بالعظمة هو الذي يوقعه في الجهل ويجعله يبتعد عن السلطة الحقيقية خلف هذا الكون والوجود، فالبشرية مازالت بعيدة عن إدراك سر الوجود وفلسفة الإنسان ومازالت تتخبط في كثير من الميادين، وقد اثبت التاريخ البشري فقد ثقة الإنسان في الإنسان وعجزه في قبول الاخر والتكامل معه، فقد حاول الفلاسفة منذ المدينة الفاضلة لأفلاطون ومازالوا ينظرون في السياسة والاجتماع والاقتصاد وكل ميادين الحياة، وكل ما استمر بهم الزمن كلما تباينوا واختلفوا حول ما يصلح البشرية، حتى القوانين التي تم اقتراحها لم يجمعوا عليها أو يتفقوا حولها، والدارس لفلسفة القانون يكتشف عمق الخلاف بين المدارس القانونية والنزاع بين المدارس الوضعانية والمدارس المثالية، ناهيك عن الاختلاف داخل كل مدرسة مثل الوضعية الشكلية، والوضعية المنطقية، والوضعية التحليلية، والوضعية الواقعية، ومضافاً إلى مدارس أخرى تخالف كلا الاتجاهين الوضعي والمثالي وتقترح أنماط أخرى للقانون، كل ذلك يكشف عن حجم التباين الذي يحمله الإنسان حتى في معرفة ذاته ومعرفة المحيط الذي يعيش فيه، ولو افتراضنا اتفاقهم على مصدر القانون وشكله كيف يمكن أن يتفقوا على شكل النظام الذي يطبقه، وهنا تبادرنا المدارس السياسية باقتراحات متباينة حول النظام السياسي الأفضل والذي يحق له تطبيق القانون، ناهيك عن تدخل علماء الاجتماع والنفس وما يبدوه من ملاحظات حول كل نظام من تلك الأنظمة ومدى تأثيره على الفرد والمجتمع، وبالتالي من يطبق القانون يمثل معضلة حقيقية فالقانون الشامل الذي يحكم البشرية جمعاء كما يقترحه السائل ليكون بديلاً عن دولة الإمام المهدي لم يخطر حتى على ذهن الشعراء الحالمون ناهيك عن فلاسفة القانون، ولذا نجد كل دولة تعتمد إطاراً قانونياً وفلسفة أخلاقية، كما أن القانون بطبعه أداة جافة وصدق من قال أن القانون أعمى لا يدرك كثير من الخصوصيات ولا يتوقف عند الابعاد والتأثيرات الجانبية، وحتى لو افترضنا وجود قانون متناهي في الدقة ومراعياً لكل الاعتبارات فإن مثل هذا القانون لا يجد طريقه إلى الواقع مالم تكن الجهة القائمة على تطبيقه تمتلك من العلم والاحاطة والعصمة بحيث لا تخطي في تطبيقه، وهذا امر مستحيل لا يتحقق إلا بوجود نبي أو إمام مؤيد من قبل الله تعالى، ومن هنا مازالت البشرية تنظر إلى السماء لترسل لها من يقيم دولة العدل والحق بحيث لا يظلم في حكمه احداً، وهذا ما يجعلنا نتأمل في كل يوم وليلة ظهور الامام المهدي (عجل الله فرجه الشريف).

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.1586 Seconds