خمسة أسرار لغيبة الإمام المهدي (عج) تعرف عليها

, منذ 1 شهر 317 مشاهدة

ذكرت العديد من الروايات أسباباً للغيبة، منها:

١ - الخوف من القتل:

وممَّا ورد في ذكر هذا السبب ما رواه زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام): «لا بدَّ للغلام من غيبة»، قلت: ولِمَ؟ قال: «يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه -»(١)، وفي رواية أُخرى عن أبي عبد الله (عليه السلام): «يخاف على نفسه الذبح»(٢)، وفي ثالثة عن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام): «خوفاً على نفسه»(٣)، وغيرها.

٢ - أنْ لا تقع في عنقه بيعة لظالم:

وممَّا ورد في ذكر هذا السبب من الروايات ما روي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): «القائم منَّا تخفى ولادته على الناس حتَّى يقولوا: لم يُولَد بعد، ليخرج حين يخرج وليس لأحد في عنقه بيعة»(٤).

٣ - استيفاء غيبات الأنبياء (عليهم السلام):

وممَّا ورد في ذكر هذا السبب من الروايات: عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنَّ للقائم منَّا غيبة يطول أمدها»، فقلت له: يا بن رسول الله، ولِمَ ذلك؟ قال: «لأنَّ الله (عزَّ وجلَّ) أبى إلَّا أنْ تجري فيه سُنَن الأنبياء (عليهم السلام) في غيباتهم، وأنَّه لا بدَّ له يا سدير من استيفاء مُدَد غيباتهم، قال الله تعالى: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ﴾ [الانشقاق: ١٩]، أي سُنَن من كان قبلكم»(٥)، وغيرها.

٤ - استيفاء ودائع الإيمان:

وممَّا ورد في ذكر هذا السبب من الروايات: عن محمّد بن أبي عمير، عمَّن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: ما بال أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يقاتل فلاناً وفلاناً وفلاناً؟ قال: لآية في كتاب الله (عزَّ وجلَّ): ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾ [الفتح: ٢٥]، قال: قلت: وما يعني بتزايلهم؟ قال: ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين، وكذلك القائم (عليه السلام) لن يظهر أبداً حتَّى تخرج ودائع الله تعالى، فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله فقتلهم»(٦).

٥ - سرٌّ من الأسرار:

ومن الروايات الدالَّة على هذا السبب - إنْ صحَّ تسميته بالسبب - ما روي عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري، قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليٍّ [العسكري] (عليهما السلام) وأنا أُريد أنْ أسأله عن الخلف [من] بعده، فقال لي مبتدئاً: «يا أحمد بن إسحاق، إنَّ الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم (عليه السلام) ولا يخليها إلى أنْ تقوم الساعة من حجَّة لله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه يُنزِّل الغيث، وبه يخرج بركات الأرض»، قال: فقلت له: يا بن رسول الله، فمن الإمام والخليفة بعدك؟ فنهض (عليه السلام) مسرعاً، فدخل البيت، ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام كأنَّ وجهه القمر ليلة البدر، من أبناء الثلاث سنين، فقال: «يا أحمد بن إسحاق، لولا كرامتك على الله (عزَّ وجلَّ) وعلى حُجَجه ما عرضت عليك ابني هذا، إنَّه سميُّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكنيِّه، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً. يا أحمد بن إسحاق، مثله في هذه الأُمَّة مثل الخضر (عليه السلام)، ومثله مثل ذي القرنين، والله ليغيبنَّ غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلَّا من ثبَّته الله (عزَّ وجلَّ) على القول بإمامته ووفَّقه للدعاء بتعجيل فرجه...»، إلى أنْقال: قلت: يا بن رسول الله، وإنَّ غيبته لتطول؟ قال: «إي وربِّي حتَّى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به، ولا يبقى إلَّا من أخذ الله (عزَّ وجلَّ) عهده لولايتنا، وكتب في قلبه الإيمان وأيَّده بروح منه. يا أحمد بن إسحاق، هذا أمر من أمر الله، وسرٌّ من سرِّ الله، وغيب من غيب الله، فخذ ما آتيتك واكتمه وكن من الشاكرين تكن معنا غداً في علّيِّين»(٧).

والظاهر من النصوص المتقدِّمة وغيرها أنَّ ما ذُكِرَ من كونه عللاً وأسباباً تامَّة لوحدها للغيبة، ليست كذلك، وإنَّما هي حِكَم، لأنَّ معنى العلَّة هي التي لا تختلف ولا تتخلَّف، فإذا فرضنا زوال الخوف نهائيًّا فلا بدَّ أنْ يظهر، مع أنَّه بمقتضى سبب آخر لم يتمّ بعد لا يظهر، كما لو لم تستوفِ الودائع بعدُ، وهذا يكشف عن كونها ليست عللاً حقيقةً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (١) الكافي (ج ١/ ص ٣٤٢/ باب في الغيبة/ ح ٢٩).

(٢) كمال الدِّين (ص ٤٨١/ باب ٤٤/ ح ١٠).

(٣) كمال الدِّين (ص ٣٦١/ باب ٣٤/ ح ٥).

(٤) كمال الدِّين (ص ٣٢٢ و٣٢٣/ باب ٣١/ ح ٧).

(٥) كمال الدِّين (ص ٤٨٠ و٤٨١/ باب ٤٤/ ح ٦).

(٦) علل الشرائع (ص ١٤٧/ باب ١٢٢/ ح ٢).

(٧) كمال الدِّين (ص ٣٨٤ و٣٨٥/ باب ٣٨/ ح ١).

المصدر : دروس استدلالية في العقيدة المهدوية (الحلقة الأولى) تأليف : الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0620 Seconds