لما لم يُذكر إسم الإمام المهدي في القرآن الكريم ؟

, منذ 2 سنة 7K مشاهدة

من الشبه التي يثيرها المرتابون في قضية الإمام المهدي (عليه السلام) أنه لماذ لم يذكر في القرآن فقد يدعي المستشكل قائلاً.

لا يوجد في القرآن أي دلاله على إمام الزمـان المزعوم إلا ما حرف و أول بطريقة الباطنية ...

هذا الادعاء مرفوض من عدة جهات

أولا: لايلزم ذكر جميع المعارف الدينية في القرآن الكريم

الف ـ لا يوجد دليل على لزوم ذكر أي مـوضـوع بـعـينه فـي القـرآن، والمقصود من قوله تعالى( ولا رطب ولا يابس غلا في كتاب مبين) (1) وقوله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) (2) صورة ما إذا كـان المقصود من الكتاب هو هذا القرآن، لا الكتاب التـكـويني و نظام الوجـود، ناهيا، بكل ما يرتبط بأمر هداية الإنسان ـ الذي هو الهدف الأصلي من إنزال الكتب السماوية ـ موجود في القرآن الكريم.

باء ـ لا شك و لا ترديد في أن كل القرآن كتاب هداية لا بعضه فقط، و من جملة آياته التي لها دور أساسي في هداية الناس، تلك التي تدعو الناس إلى متابعة التي * و أهل العلم في الحقيقة بعض من المعارف و التعاليم الدينية قد طرحت في القرآن الكريم بصورة غير مستقيمة، يعني تلك التي جاءت على لسان النبي (صلى الله عليه وآله) و أهل سنه منه . كلنا نعلم أن أغلب أركان العبادات و حتى بعض ما يختص بأصول الدين لم يذكر صراحةً في القرآن الكريم، وإنمـا جـاء ذكـرهـا و تـبيـانهـا عـلى لسان الرسول (صلى الله عليه وآله) و أهل بيته (عليهم السلام)، و هذا لا ينافي ما جاء في قوله تعالى : « ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين»(3) و لأنه ـ كما أوضحنا سالفاً ـ لابد من اعتبار القرآن ككل ملاكاً لا بعضه، والآية: «و أنزلنا إليك الذكـر يبين للناس ما نزل إليهم » (4) صريحة في أن الذكر يعني القرآن لابد تبينه و توضيحه من قبل الرسول (صلى الله عليه وآله) ومن دون ذلك يبقى في الجملة منهما مغلقاً عن الأفهام.

وعليه فإن ذكر اسم المهدي (عليه السلام) على لسان النبي (صلى الله عليه وآله) كاف للاعتقاد به، ولا لزوم لذكره في القرآن.

ثانيا: عدم ذكر الكثير من المعارف الدينية في القرآن الكريم

عدد الأئمة وصفاتهم، و أيضاً كثير من أركان و شرائط العبادات، مـن جملة ذلك عدد ركعات الصلاة اليومية وكيفية أدائها، وكثير مـن العـلوم و أحكام الدين، لم تذكر أو توضح في القرآن، بل ترك أمر تبيانها و توضيحها في عهدة النبي (صلى الله عليه وآله).

موضوع الإمامة و ولاية الأمر بعد الرسول (صلى الله عليه واله) على الرغم من ثبوته بالأدلة العقلية فإن القرآن الكريم و بنحو عام قرن طاعة أولي الأمر بطاعة الله و رسوله يديه، وأطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم )(5).

ولاشك أن المقصود من أولى الأمر في هذه الآية هم الأئمة المعصومون (عليهم السلام)، و ذلك:

الف ـ حمل الأمر المطلق من قبل الله تعالى في هذه الآية بالإطاعة لغير المعصوم غير صحيح؛ فغير المعصوم معرض للذنب و الخطأ، وقبيح على الله الحكيم أن يأمر بالطاعة المطلقة لشخص في معرض الانحراف و الخطأ. من هنا فسر البعض من أهل العلم و التفسير من السنة أن المراد من أولي الأمر في الآية الشريفة هم الأئمة المعصومون (عليهم السلام)، كـمـا جـاه فـي «شواهد التنزيل» (6) و «تفسير البحر المحيط»(7) و «ينابيع المودة»(9) و «فرائد السمطين»(10).

ب ـ الروايات المعتبرة المنقولة عـن العـتـرة تـدل على أن المراد مـن «أولى الأمر» في الآية «الأئمة المعصومون» (عليهم السلام).

ثالثاً: تطبيق الآيات القرآنية على المهدي(عج) كما في كتب أهل السنة واختلاف ذلك عن التحريف والتأويل.

أما القسم الثاني من ادعاء الكاتب أنه : «لا يوجد في القرآن أي دلالة على إمام الزمان المزعوم إلا ما حرف و أول بطريقة الباطنية».

فهو ادعاء بلا دليل إذ تطبيق الحقائق العـامـة فـي القـرآن على بعض المصاديق ليس من مقولة التحريف ولا التأويل الباطل، و بخصوص المهدي فإن الكثير من كبار المفسرين السنة ذكروا آيات تنطبق على المهدي مح) الموعود، من جملة هذه الآيات :

۱ ـ قوله تعالى : « الذين يؤمنون بالغيب و يقيمون الصلاة ). ذكر النيشابوري في غرائب القرآن "، و الفخر الرازي في تفسيره (۳) : قال بعض الشيعة : المراد بالغيب المهدي المنتظر الذي وعـد الله تعالى به في القرآن و الخبر، أما القرآن : «وعد الله الذين أمــوا مـنكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض)

و أما الخبر : «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من أمتي، يواطئ اسمه اسمي و كنيته كنيتي. يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلماً»(2). سكت النيشابوري على قول الشيعة و لم يعقب، و أشكل الرازي عليهم قائلاً: «إن تخصيص المطلق من غير الدليل باطل». وبناء عـلى هـذا فـإنه لا إشكال في إطلاق عموم «الغيب» على المهدي (عج) بنظر هذين العالمين  الكبيرين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الانعام: 59.

(2) الانعام: 38.

 (3) الانعام: 59.

(4) النحل: 44.

(5) الانعام: 59.

(6) شواهد التنزيل، ج ۱، ص190.

(7) البحر المحيط ، ج ۳ص ۲۷۸.

(8) ينابيع المودة، ج ۱، ص ۳۵۱.

(9) فرائد السمطين، ج1، ص314، ح250.

(10) البقرة ۱۳۱

(11) مراتب القرآن، ج ۱، ص ١١٤.

(12) التفسير الكبير، ج ۲ص ۳۹

(13) النور: ٠٥٥

(14) المعجم الكبيرة، ج10، ص135.

 المصدر: موعد الأديان ص61-64.

 

 

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0666 Seconds